فكرة عن التحكيم الإلكتروني والمحكمة الفضائية كأحد هيئاته المتخصصة

المؤلف :الباحث/أحمد مصطفى حسن جيلاني
المصدر:أبحاث علمية
فكرة التحكيم الإلكتروني
مقدمة
شهد العالم خلال العقود الأخيرة تطوراً هائلاً في مجالات التكنولوجيا الرقمية، والاتصالات، والتعاملات الإلكترونية. ومع هذا التحول، نشأت حاجة ملحّة إلى وسائل فعالة لحل النزاعات التي قد تترتب على التعاملات الإلكترونية، بما يضمن السرعة، الكفاءة، وقلة التكاليف، مع مراعاة الطبيعة الخاصة للبيئة الرقمية.
في هذا السياق برز التحكيم الإلكتروني كوسيلة مبتكرة لحل النزاعات، سواء كانت ناشئة عن عقود إلكترونية أو معاملات تتم عبر الفضاء الرقمي. ويُعدّ التحكيم الإلكتروني امتداداً لتطور التحكيم التقليدي، مع تكييفه ليتلاءم مع خصوصية المعاملات الرقمية.
مفهوم التحكيم الإلكتروني
التحكيم الإلكتروني هو اتفاق الأطراف على حل نزاعاتهم من خلال وسيلة تحكيم تتم بكافة مراحلها عبر الوسائط الإلكترونية، دون الحاجة إلى الحضور المادي، مع اعتماد التبادل الرقمي للمستندات، الجلسات الافتراضية، وإصدار الأحكام عبر الإنترنت.
يستند هذا النوع من التحكيم إلى ذات المبادئ الجوهرية للتحكيم التقليدي، وعلى رأسها مبدأ سلطان الإرادة، مع تكييف الآليات لتحقيق الأهداف التالية:
-
سرعة الفصل في النزاع
-
تقليل التكاليف
-
مواكبة طبيعة المعاملات الرقمية
-
ضمان الخصوصية
-
مرونة الإجراءات
اتفاق التحكيم الإلكتروني
يُعد اتفاق التحكيم الإلكتروني جوهر العملية التحكيمية الإلكترونية. وهو اتفاق يُبرم بصيغة إلكترونية (عقد إلكتروني، بريد إلكتروني موثّق، منصة تحكيم معتمدة، إلخ)، بحيث يتفق الأطراف على:
-
اللجوء إلى التحكيم الإلكتروني لحل أي نزاع قائم أو محتمل.
-
اعتماد الوسائل الرقمية في جميع مراحل التحكيم.
-
الالتزام بالأحكام الصادرة عن هيئة التحكيم الإلكترونية.
نماذج تطبيقية: محكمة الفضاء الإلكترونية (Cyber Tribunal)
تُعد محكمة الفضاء الإلكترونية من النماذج الرائدة في هذا المجال. وقد أنشئت في كندا، بدعم أكاديمي من جامعات ومراكز أبحاث قانونية مرموقة، بهدف:
-
تهيئة بيئة رقمية متكاملة لإدارة القضايا التحكيمية إلكترونياً.
-
إتاحة جلسات استماع افتراضية.
-
تمكين تبادل المستندات رقمياً.
-
إصدار الأحكام بصورة إلكترونية قابلة للتنفيذ.
تتميز تجربة هذه المحكمة بالنقاط الآتية:
-
تبسيط إجراءات التحكيم الإلكتروني.
-
مراعاة قواعد الإثبات الإلكترونية.
-
ضمان خصوصية البيانات.
-
توفير منصة ذكية لإدارة التحكيم.
فوائد التحكيم الإلكتروني
-
مواكبة الاقتصاد الرقمي: يتماشى التحكيم الإلكتروني مع واقع التجارة الإلكترونية المتنامي.
-
السرعة والكفاءة: يوفر تحكيماً مرناً وسريعاً مقارنة بالتقاضي التقليدي.
-
الخفض الكبير في التكاليف: تقليل أعباء السفر، الإيداع الورقي، ورسوم الجلسات.
-
عالمية الوصول: إمكانية حل نزاعات الأطراف العابرة للحدود دون عوائق مكانية.
دور دار الوساطة والتحكيم الفلسطينية
في ظل هذه التحولات، تعمل دار الوساطة والتحكيم الفلسطينية على:
-
تطوير بنيتها التحتية الرقمية للتحكيم الإلكتروني.
-
إعداد نماذج متقدمة لشروط التحكيم الإلكتروني.
-
تقديم خدمات تحكيم إلكتروني متكاملة تلبي حاجات التجار، رواد الأعمال، والقطاعات الحديثة.
وتسعى الدار إلى أن تكون منصة رائدة في فلسطين والمنطقة العربية في مجال التحكيم الإلكتروني، عبر:
? تطوير منصة رقمية آمنة
? تدريب كوادر قانونية متخصصة
? إصدار أحكام إلكترونية قابلة للتنفيذ
? تعزيز الوعي بثقافة التحكيم الإلكتروني