مقترحات لتطوير قضاء التحكيم
المؤلف :للدكتور / عمر خولي
المصدر:مراجع علمية
مقترحات عملية لتطوير قضاء التحكيم في المملكة العربية السعودية
تشخيص الفجوات: عانى الإطار النظامي واللائحي لفترة من غياب معايير واضحة ومُلزِمة لتأهيل المحكّمين، ما سمح بدخول غير المؤهلين إلى الساحة والاكتفاء بمسمّى «محكّم» دون اشتراطات مهنية كافية. كان الأجدر أن تضبط النصوص شروط الكفاءة الشخصية والموضوعية والعملية لمَن يزاول عملًا قضائيًا تحكيميًا.
مواجهة الاعتمادات الوهمية: انتشرت في بعض البلدان العربية مراكز تُمنح ألقابًا دعائية مثل «محكّم دولي/مستشار» بعد دورات وجيزة، وتُسلَّم بطاقات تحمل رموزًا تُشبه ما لدى القضاة والدبلوماسيين؛ وهو مسار ترويجي لا يسنده إطار قانوني رصين. يستلزم ذلك ضبط السوق ومنع التضليل التدريبي.
محاور التطوير المقترحة
-
التوسع المُقنّن في إنشاء مراكز تحكيم متخصصة لإدارة القضايا، مع تشديد التدقيق في تراخيصها، وضمان عدم تدخلها في أعمال هيئات التحكيم.
-
بناء مسار تأهيلي مهني مُتدرّج للمحكّمين يجمع بين الدراسة القانونية والشرعية، والمتابعة الدقيقة لأحكام القضاء، والتدريب والمران المستمرَّين؛ فمهارة إدارة الخصومة وصياغة أحكام التحكيم تُكتسب بالممارسة المنظمة لا بالشهادة الأكاديمية وحدها.
-
عدم تعيين محكّم إلا من قوائم اعتماد رسمية، بعد التحقق من التأهيل العملي بحضور واجتياز دورات تخصصية لا تقل عن 111 ساعة تدريبية أو الحصول على دبلوم مهني معتمد في التحكيم، مع التمييز بين «الحضور» و«الاجتياز».
-
إعداد «قائمة اعتماد» للمجيدين فعلًا للقضاء التحكيمي، بدل قوائم قيد مفتوحة لحديثي التخرج؛ ولا يُدرَج اسم إلا بعد استيفاء الشروط الموضوعية التي تُثبت الحد الأدنى من المعارف والمهارات. تُعمَّم قائمة المحكّمين المعتمدين على مراكز التحكيم والغرف التجارية.
-
وضع جداول استرشادية لأتعاب المحكّمين في التحكيم غير المؤسسي، تربط الأتعاب بقيمة المطالبة وتتناسب معها عكسيًا، للحدّ من المبالغة التي قد تُغري باختيار التحكيم لأسباب مالية لا موضوعية.
-
نشر أحكام التحكيم –بعد موافقة الأطراف– للمساهمة في إشاعة ثقافة التحكيم وتعزيز الثقة بقضائه، مع مراعاة السرية وحجب البيانات الحساسة.
-
إنشاء جمعية وطنية مهنية متخصصة في التحكيم، تضم خبراء وممارسين، وتعمل على تطوير القضاء التحكيمي، وتجميع الدوريات العربية والدولية، ومتابعة البحوث العملية، وتنظيم المؤتمرات. وقد صدر فعلًا في منتصف عام 1441هـ اعتماد أول جمعية سعودية متخصصة تحت مسمّى «جمعية تحكيم».
-
إصدار مدوّنة سلوك/ميثاق شرف لمزاولي التحكيم، تُحدِّد الأخلاقيات والضوابط والأعراف، ويوقّع عليها أعضاء الهيئات قبل مباشرة المهمة وتُدرَج ضمن مستندات القضية.
-
اعتماد لائحة جزاءات مُعلَنة في المراكز المعتمدة، تُرتِّب مسؤوليات تأديبية عند مخالفة الضوابط أو عند إبطال حكم لسبب يعود إلى المحكّم، دون إخلال بالمسؤوليتين الجنائية والمدنية عند الغش أو التدليس أو الرشوة أو التسبّب المتعمَّد بالضرر.
-
اشتراط أداء المحكّم لقسم مهني مماثل لقَسَم رجال القضاء قبل قبول المهمة، تعزيزًا لهيبة الوظيفة التحكيمية ومقتضياتها الأخلاقية.
إطار الحوكمة المقترح يُعيد ضبط بوابة الدخول إلى المهنة، وينظّم السوق التدريبية، ويرفع كفاءة الممارسة اليومية، ويؤسّس لبيئة مهنية تُوازن بين الاستقلال والمساءلة، وتدفع بقضاء التحكيم إلى موقعه الطبيعي كقضاء متخصص سريع وفعّال وموثوق.