محكمة النقض الفرنسية من الاختيار الأحادي ل موقف محقواعد التحكيم وتفسير شرط التحكيم الغامض – تعزيز لمبدأ فعالية التحكيم

المؤلف : محكمة النقض الفرنسية
المصدر:أحكام قضائية
محكمة النقض الفرنسية من الاختيار الأحادي ل موقف محقواعد التحكيم وتفسير شرط التحكيم الغامض – تعزيز لمبدأ فعالية التحكيم
أولًا: تمهيد إجرائي
تناول الحكم الصادر عن محكمة النقض الفرنسية النزاع القائم بين شركة Devas Multimedia Private Limited الهندية وشركة Antrix Corporation Limited بشأن تنفيذ حكم تحكيمي صدر عن غرفة التجارة الدولية (CCI)، في سياق عقد تجاري تضمن شرطًا تحكيميًا متعدد الخيارات، أجاز اللجوء إلى قواعد CCI أو قواعد لجنة الأمم المتحدة للقانون التجاري الدولي (CNUDCI)، دون تحديد حصري لطبيعة التحكيم (مؤسسي أم حر).
وقد نظرت المحكمة في ثلاثة طعون متصلة قدمتها الأطراف المختلفة، وقررت ضمها لموضوعية النزاع ووحدة أطرافه، وفصلت فيها بشكل مشترك.
ثانيًا: المسألة القانونية المثارة
ركز النزاع على نقطتين قانونيتين جوهريتين:
-
مدى صحة اختيار أحد أطراف العقد للتحكيم المؤسسي (CCI) دون اتفاق لاحق صريح مع الطرف الآخر.
-
أثر عدم تنفيذ قرارات المحاكم الأجنبية القاضية بتعيين مصفٍ قضائي لشركة Devas في فرنسا (عدم وجود الإكسكواتور).
ثالثًا: موقف المحكمة من صلاحية المصفّي الأجنبي للتقاضي
رفضت المحكمة قبول تدخل المصفّي المعيّن من القضاء الهندي، مستندة إلى أن قرارات التصفية لم تُمنح الصيغة التنفيذية في فرنسا (exequatur)، وبالتالي لا يترتب عليها أثر قانوني في نزع أهلية التمثيل عن إدارة الشركة أمام القضاء الفرنسي. واعتبرت أن عدم تقديم طلب للإكسكواتور يُبقي صلاحية التمثيل بيد الإدارة القائمة قانونًا.
رابعًا: تفسير شرط التحكيم والاختيار الأحادي لقواعد التحكيم
رغم احتجاج شركة Antrix بأن التحكيم يجب أن يتم وفق نظام ad hoc وأنه لا يجوز تفعيل نظام تحكيم مؤسسي (CCI) دون اتفاق لاحق، أيدت محكمة النقض تفسير محكمة الاستئناف التي اعتبرت أن صيغة الشرط التحكيمي – وإن كانت غير دقيقة – تجيز للطرف المبادر إلى التحكيم أن يختار أحد النظامين، ما دام الطرفان قد وافقا ابتداءً على كلا الخيارين (CCI أو CNUDCI).
وقد أكدت المحكمة أن هذا التفسير يُحقق الغاية المقصودة من شرط التحكيم، وهي ضمان فعالية تسوية النزاعات، ولا يشكل تحريفًا لنص العقد، بل تأويلاً مشروعًا لما غمض منه، في إطار السلطة التقديرية للمحكمة في تفسير العقود.
خامسًا: أهمية الحكم وتأثيره على فقه التحكيم
يمثل هذا الحكم موقفًا حاسمًا في اتجاه:
-
تكريس مرونة تفسير شروط التحكيم الغامضة بما يُعزز فعالية التحكيم.
-
الاعتراف بصحة اللجوء إلى التحكيم المؤسسي استنادًا إلى خيار وارد في العقد حتى دون موافقة لاحقة صريحة.
-
رفض التذرّع بعدم التحديد الدقيق لنوع التحكيم كسبب لإبطال الإجراءات التحكيمية أو تعطيل تنفيذها.
كما يُعيد التأكيد على أن قرارات القضاء الأجنبي لا تُنتج أثرًا قانونيًا في فرنسا ما لم يتم إكساؤها بالصيغة التنفيذية وفقًا لقواعد القانون الدولي الخاص الفرنسي.