دار الوساطة والتحكيم الفلسطينية
نحو تطوير فعّال لقضاء التحكيم:
قراءة تحليلية في تجربة المملكة العربية السعودية
مع تصاعد أهمية التحكيم كوسيلة بديلة لحل النزاعات التجارية، برزت الحاجة إلى تطوير بنية القضاء التحكيمي في المملكة العربية السعودية بما يواكب الممارسات الدولية ويحقق النزاهة والكفاءة. يقدّم الدكتور عمر الخولي في هذا الملف جملةً من المقترحات الإصلاحية المحورية، انطلاقًا من تقييم نقدي لنظام التحكيم السعودي ونقص التأهيل المهني لدى بعض المحكّمين.
محاور التحليل ومقترحات التطوير
1. ضبط التأهيل المهني للمحكّمين
ينتقد الباحث ضعف اشتراطات التأهيل، ويقترح عدم السماح لأي شخص بالعمل كمحكّم إلا بعد استيفاء متطلبات معرفية وتدريبية دقيقة، تشمل:
-
دراسة جامعية متخصصة.
-
تدريب عملي متكامل في صياغة الأحكام التحكيمية.
-
اجتياز دورات لا تقل عن 100 ساعة معتمدة.
-
الفصل بين شهادات الحضور وشهادات الاجتياز الفعلية.
2. تنظيم اعتماد مراكز التحكيم
يطالب بتوسيع منضبط لإنشاء مراكز تحكيم مرخّصة، مع التشديد على الشفافية في منح التراخيص وعدم تدخل هذه المراكز في عمل الهيئات التحكيمية، واقتصار دورها على الإشراف الفني والتنظيمي.
3. اعتماد قوائم وطنية للمحكّمين
يؤكد على ضرورة اعتماد قوائم رسمية بالمحكّمين المؤهّلين، وعدم الاكتفاء بتسجيل من يرغب دون تحقق، وأن يتم تعميم هذه القوائم على الغرف التجارية ومراكز التحكيم.
4. ضبط أتعاب التحكيم في القضايا غير المؤسسية
يدعو لوضع جداول استرشادية تربط بين قيمة النزاع ونسب أتعاب المحكّمين، منعًا للمغالاة واستغلال الأطراف، خصوصًا في التحكيم الحر.
5. تعزيز الشفافية عبر نشر أحكام التحكيم
يقترح نشر الأحكام التحكيمية الصادرة – بموافقة الأطراف – للمساهمة في ترسيخ ثقافة التحكيم وغرس الثقة به لدى المجتمع التجاري والقانوني.
6. تأسيس جمعية وطنية للتحكيم
يطرح فكرة تأسيس جمعية علمية متخصصة تضم المحكّمين والخبراء، تُعنى بتطوير القضاء التحكيمي، إصدار الدوريات، متابعة الأبحاث، وتنظيم المؤتمرات العلمية.
7. إرساء مدونة سلوك وتحكيم أخلاقي
يدعو لإلزام المحكّمين بالتوقيع على ميثاق شرف مهني قبل البدء بأي قضية، يتضمّن مبادئ النزاهة، الإفصاح، والحياد، ويُعتبر جزءًا من مستندات الملف التحكيمي.
8. إقرار نظام جزائي داخلي للمحكّمين
يطالب بإعداد لائحة جزاءات تُنشر في مراكز التحكيم، تتضمّن عقوبات على المحكّمين في حال الإهمال أو التسبّب في إبطال الحكم، مع ربطها بالمسؤولية المدنية والجزائية عند الغش أو التحيّز.
9. أداء القسم القضائي للمحكّمين
يختتم الباحث بالدعوة إلى أن يؤدي المحكّم قسمًا مهنيًا مشابهًا لقَسَم القضاة، تعزيزًا للثقة والاحترام الوظيفي لدوره القضائي الخاص.
خاتمة
يمثل هذا الملف خطوة استراتيجية في رسم ملامح قضاء تحكيمي أكثر مهنية واستقلالية في السعودية والعالم العربي. ويؤكد أن النجاح في تطوير التحكيم لا يتوقف عند النصوص، بل في بناء منظومة مؤهلة تُراكم الخبرة وتُراعي أخلاقيات المهنة وتُصيغ أحكامًا تُحتذى بها.