
دار الوساطة والتحكيم الفلسطينية
التوازن بين الكفاءة والعدالة
مقدمة: التوازن بين الكفاءة والعدالة
تكوين هيئة التحكيم ليس قرارًا إجرائيًا فحسب، بل خيار استراتيجي يرسم مصير النزاع.
فبين المحكم المنفرد والهيئة الثلاثية، تتفاوت التكلفة، الزمن، الحياد، والخبرة.
وهنا يكمن السؤال الجوهري:
متى نكتفي بصوت واحد؟ ومتى نحتاج إلى توازن الأصوات؟
أولًا: التأسيس القانوني لتكوين الهيئة
فلسطين –ن قانون التحكيم لسنة 2000:
"إذا لم يتفق الطرفان على عدد المحكمين، يُعيّن محكم منفرد."
مصر – قانون التحكيم لسنة 1994:
"يجوز أن يكون عدد المحكمين واحدًا أو أكثر، بشرط أن يكون العدد فرديًا."
الأونسيترال – 2021:
"In the absence of agreement, the default number of arbitrators shall be one."
ICDR –
"Tribunals shall consist of a sole arbitrator or three, depending on the complexity and value of the case."
ثانيًا: المقارنة بين المحكم المنفرد والهيئة
المعيار المحكم المنفرد الهيئة التحكيمية الثلاثية
الكلفة أقل (رسوم واحدة) أعلى (رسوم لثلاثة محكمين)
السرعة أسرع نسبيًا أبطأ بسبب المداولات والتنسيق
الحياد عرضة لانطباع الانحياز إذا لم يكن ذا سمعة قوية يُعزّز الحياد بتوازن الأصوات
الخبرة المتنوعة محدودة بخبرة شخص واحد تنوّع قانوني أو فني داخل الهيئة
سهولة التواصل مباشر وسريع يحتاج إلى توافق ثلاثي
القدرة على السيطرة أكثر مرونة واستجابة أكثر انضباطًا وأحيانًا تصلبًا
ثالثًا: المعايير الموضوعية لاختيار التكوين
طبيعة النزاع:
تجاري بسيط = محكم منفرد
نزاع استثماري أو تقني = هيئة
القيمة المالية:
نزاعات منخفضة (<250,000$) = محكم منفرد
نزاعات تتعدى الملايين = هيئة تضمن تدقيقًا أكبر
التركيبة الطرفية:
شركتان عابرتان للحدود = هيئة
طرف فردي ضد شركة = قد يُفضَّل محكم واحد لتقليل الكلفة
القانون الواجب التطبيق:
إذا كان القانون معقدًا أو متعدد الأنظمة = هيئة
إذا كان القانون محليًا واضحًا = محكم منفرد
الزمن والجدول الزمني المتوقع:
إذا كان الزمن حاسمًا للطرفين = محكم منفرد
إذا كانت الجودة التحكيمية أولوية = هيئة
رابعًا: التبعات المالية والمهنية
المحكم المنفرد:
كلفة أقل، لكن مخاطرة أكبر إذا كان غير محايد
يُناسب الشركات الصغيرة أو العقود قصيرة الأجل
الهيئة:
كلفة مضاعفة، لكن حماية أوسع من الانحراف أو الغلط الفردي
تُناسب العقود طويلة الأجل أو المشاريع الكبرى
خامسًا: التحليل الاستراتيجي لاختيار التكوين
الطرف الأقوى:
– قد يدفع نحو محكم منفرد لسهولة السيطرة
الطرف الأضعف:
– يُفضل هيئة لتوزيع النفوذ
العقود المتكررة:
– قد يُدرج فيها آلية متغيرة حسب حجم النزاع
التحكيم المؤسسي:
– توفر بعض المراكز توصية أولية بالتكوين وفق قواعدها
مثال من الواقع:
قضية بناء بنية تحتية في الخليج، لجأت فيها الشركة المتنازعة إلى محكم منفرد…
لكن نتيجة لغياب المعرفة الفنية في البناء، صدر حكم سطحي، فاضطرت الشركة للطعن بالبطلان.
لو كانت هيئة ثلاثية تتضمن مهندسًا قانونيًا، لما حدث الانزلاق.
سادسًا: المصطلحات المتخصصة
تكوين الهيئة: Tribunal Composition
مركزية القرار: Decision Centralization
الإقناع الجماعي: Collective Persuasion
المسار التفاوضي الموازي: Parallel Negotiation Path
انقسام الإجرائي: Procedural Divergence
فقه التشكيل التحكيمي: Arbitration Constitution Doctrine
سابعًا: الكاتب كمهندس للتوازن القضائي الخاص
ليس المطلوب فقط معرفة الفرق بين المحكم الفردي والهيئة،
بل اختيار التكوين الذي يخدم العدالة دون إرهاق الميزانية أو إبطاء النزاع.
الكاتب هنا هو مصمم معادلة: العدالة = كفاءة + حياد + ملاءمة