المستشار وديع نوفل
بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام على اشرف المرسلين،، سيدنا محمد عليه افضل الصلاة والتسليم .
"اللهم لا علم لنا الا ما علمتنا إنك انت العليم الحكيم "
(كلمة حق في دورة متميزة تعقدها دار الوساطة والتحكيم الفلسطينية)
باسمي اتقدم بجزيل الشكر والتقدير لدار الوساطة والتحكيم الفلسطينية القائمة على هذه الدورة المتميزة والمتخصصة، التي تعقدها في مقر دار الوساطة والتحكيم بنابلس، بالشراكة مع جامعة فلسطين الاهلية، ومركز خليج العقبة للتحكيم الدولي، والتي تتناول الاطار المفاهيمي للتحكيم وتميزه عن غيره من الوسائل البديلة لفض المنازعات والجوانب الإجرائية والموضوعية للتحكيم وربطها بتقنيات الذكاء الصناعي ، في ظل التحول النوعي والرقمي نحو التحكيم الذكي ومواكبة التطور التقني في إدارة العدالة البديلة.
إنّ التحكيم لم يعد مجرد وسيلة لحل النزاعات، بل أصبح منظومة متكاملة من الكفاءة والسرعة والحياد، تتعزز اليوم بالتقنيات الذكية والرقمنة القانونية، بما يواكب المعايير الدولية ويحافظ في الوقت ذاته على قيم العدالة الأصيلة في مجتمعنا الفلسطيني.
نُثمّن جهود المشاركين المتميزين والمدرّبين، ونؤكد أن هذه الدورة تشكل خطوة نوعية نحو بناء جيل من المحكمين المحترفين القادرين على الدمج بين الفقه القانوني والتقنية الحديثة، لتكون فلسطين حاضرة بفاعلية في ساحات التحكيم الإقليمي والدولي.
إنّ التحكيم اليوم لم يعد يقتصر على القواعد التقليدية، بل بات يعتمد على التحليل الذكي للمنازعات، وإدارة البيانات، والتوثيق الإلكتروني، بما يعزز الكفاءة والشفافية ويختصر الزمن والتكاليف.
ويأتي الذكاء الصناعي ليشكل الجسر بين العقل الإنساني والواقع التقني، فلا يُلغيه ولا يستبدله، بل يسانده ويوسّع قدرته على اتخاذ القرار العادل في ضوء المعطيات الواقعية والقانونية. إنّ الذكاء الصناعي حين يُربط بالواقع الطبيعي، يصبح أداة لخدمة الإنسان وعدالته، لا بديلاً عنها، ويمنح المحكم أدوات أدقّ في فهم النزاع وإدارته.
والتحكيم الذكي لا يعني الاستغناء عن الحنكة والكفاءة البشرية التي تعمل على تطويع كل ما هو تقنياً ليخدم كافة مقتضيات العملية التحكيمية، انما هو يأتي في اطار التكامل الاجرائي والموضوعي لتحكيم افضل متميز بمتنانة وتحصين من ثغرات الطعن في بطلان الاجراءات، ودعم واسناد الاسباب التي يقف ورائها كل حكم تحكيمي .
إنَّ التحكيم ليس مجرد إجراء بديل عن القضاء، بل هو منظومة متكاملة من القواعد والأحكام والمبادئ القانونية التي تهدف إلى تحقيق العدالة الناجزة بين الأطراف، في إطار من الرضائية والحياد والاستقلال.
فهو نظام يقوم على أساس إرادة الأطراف، ويتكامل مع النظام القضائي في الدولة، ويستمد قوته من القوانين الوطنية والاتفاقيات الدولية التي نظّمت إجراءاته وحدّدت أثر أحكامه وطرق تنفيذها.
والتحكيم بهذا المعنى ليس طريقاً استثنائياً فحسب، بل منهج حديث لإدارة العدالة، يزاوج بين الدقّة القانونية والمرونة الإجرائية، ويُعدّ اليوم أحد أعمدة العدالة الاقتصادية والاستثمارية في العالم المعاصر.
من هنا، فإن هذه الدورة تشكّل محطة علمية وعملية هامة لتأهيل كوادر قانونية قادرة على الجمع بين أصالة الفكر القانوني وحداثة الوسائل التقنية، وتجسيد روح التحكيم الفلسطيني القائم على النزاهة والعدالة والابتكار.
فبورك سعيكم، ووفقكم الله لما فيه رفعة العدالة، وتقدّم هذه الوسيلة البديلة التي تشكل رافداً هاماً من روافد القضاء الخاص ،، نحو تحكيم متميز في وطننا فلسطين.
بقلم المحامي وديع نوفل
نابلس-